السلام عليكم : اخواني الكرام نستكمل اليوم باقي سلسله موسوعه
الصحابة واليوم موعدنا مع ثالث الخلفاء الراشدين انه ذو النورين انه الرجل
الذي تستحي منه الملائكة انه .................... عثمان بن عفان - رضى
الله عنهألا أستحي ممن تستحي منه الملائكة " حديث شريف من
هو؟عثمان بن عفان بن أبي العاص بن
أميّة القرشي ، أحد العشرة المبشرين بالجنة
وأحد الستة الذي جعل عمر
الأمر شورى بينهم ، وأحد الخمسة الذين أسلموا على
يد أبي بكر الصديق ،
توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-وهو عنه راضٍ
صلى إلى القبلتيـن
وهاجر الهجرتيـن وبمقتله كانت الفتنة الأولى في الإسلام
إسلامه
كان عثمان بن عفان -رضي الله عنه-
غنياً شريفاً في الجاهلية ، وأسلم بعد البعثة بقليل ، فكان من السابقين إلى
الإسلام ، فهو أول من هاجر إلى الحبشة مع زوجته رقيّة بنت رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- الهجرة الأولى والثانية وقد قال رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- ( إنّهما لأوّل من هاجر إلى الله بعد لوطٍ )000( إن عثمان لأول من
هاجر إلى الله بأهله بعد لوطٍ )000
وهو أوّل من شيّد المسجد ، وأوّل من
خطَّ المفصَّل ، وأوّل من ختم القرآن في ركعة ، وكان أخوه من المهاجرين
عبد الرحمن بن عوف ومن الأنصار أوس بن ثابت أخا حسّان000
قال عثمان
( ان الله عز وجل بعث محمداً بالحق ، فكنتُ ممن استجاب لله ولرسوله ، وآمن
بما بُعِثَ به محمدٌ ، ثم هاجرت الهجرتين وكنت صهْرَ رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- وبايعتُ رسول الله فوالله ما عصيتُه ولا غَشَشْتُهُ حتى توفّاهُ
الله عز وجل )000
الصّلابة
لمّا
أسلم عثمان -رضي الله عنه- أخذه عمّه الحكم بن أبي العاص بن أميّة فأوثقه
رباطاً ، وقال ( أترغبُ عن ملّة آبائك إلى دين محدث ؟ والله لا أحلّك أبداً
حتى تدعَ ما أنت عليه من هذا الدين )000فقال عثمان ( والله لا أدَعُهُ
أبداً ولا أفارقُهُ )000فلمّا رأى الحكم صلابتَه في دينه تركه000
ذي
النورين
لقّب عثمان -رضي الله عنه- بذي
النورين لتزوجه بنتيْ النبي -صلى الله عليه وسلم- رقيّة ثم أم كلثوم ، فقد
زوّجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ابنته رقيّة ، فلّما ماتت زوّجه
أختها أم كلثوم فلمّا ماتت تأسّف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على
مصاهرته فقال ( والذي نفسي بيده لو كان عندي ثالثة لزوّجنُكَها يا عثمان
)000
سهم بَدْر
أثبت له رسول
الله -صلى الله عليه وسلم- سهمَ البدريين وأجرَهم ، وكان غاب عنها لتمريضه
زوجته رقيّة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-000فقد قال الرسول -صلى
الله عليه وسلم- ( إن لك أجر رجلٍ ممن شهد بدراً وسهمه )000
الحديبية
بعث الرسول -صلى الله عليه وسلم- عثمان
بن عفان يوم الحديبية إلى أهل مكة ، لكونه أعزَّ بيتٍ بمكة ، واتفقت بيعة
الرضوان في غيبته ، فضرب الرسول -صلى الله عليه وسلم- بشماله على يمينه
وقال ( هذه يدُ عثمان )000فقال الناس ( هنيئاً لعثمان )000
جهاده
بماله
قام عثمان بن عفان -رضي الله
عنه- بنفسه وماله في واجب النصرة ، كما اشترى بئر رومة بعشرين ألفاً وتصدّق
بها ، وجعل دلوه فيها لدِلاِءِ المسلمين ، كما ابتاع توسعة المسجد النبوي
بخمسة وعشرين ألفاً
كان الصحابة مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
في غزاةٍ ، فأصاب الناس جَهْدٌ حتى بدت الكآبة في وجوه المسلمين ، والفرح
في وجوه المنافقين ، فلما رأى الرسول -صلى الله عليه وسلم- ذلك قال ( والله
لا تغيب الشمس حتى يأتيكم الله برزقٍ )000فعلم عثمان أنّ الله ورسوله
سيصدقان ، فاشترى أربعَ عشرة راحلةً بما عليها من الطعام ، فوجّه إلى النبي
-صلى الله عليه وسلم- منها بتسعٍ ، فلما رأى ذلك النبي قال ( ما هذا ؟)000
قالوا أُهدي إليك من عثمان 0 فعُرِفَ الفرحُ في وجه رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- والكآبة في وجوه المنافقين ، فرفع النبي -صلى الله عليه
وسلم- يديه حتى رُؤيَ بياضُ إبطيْه ، يدعو لعثمان دعاءً ما سُمِعَ دعا لأحد
قبله ولا بعده ( اللهم اعط عثمان ، اللهم افعل بعثمان )000
قالت
السيدة عائشة -رضي الله عنها- دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليَّ
فرأى لحماً فقال ( من بعث بهذا ؟)000قلت عثمان 0 فرأيت رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- رافعاً يديْهِ يدعو لعثمان
جيش العُسْرة
وجهّز عثمان بن عفان -رضي الله عنه- جيش
العُسْرَة بتسعمائةٍ وخمسين بعيراً وخمسين فرساً ، واستغرق الرسول -صلى
الله عليه وسلم- في الدعاء له يومها ، ورفع يديه حتى أُريَ بياض
إبطيه000فقد جاء عثمان إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بألف دينار حين جهّز
جيش العسرة فنثرها في حجره ، فجعل -صلى الله عليه وسلم- يقلبها ويقول ( ما
ضرّ عثمان ما عمل بعد اليوم )000مرتين
الحياء
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( أشد
أمتي حياءً عثمان )000
قالت السيدة عائشة -رضي الله عنها- استأذن
أبو بكر على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو مضطجع على فراش ، عليه
مِرْطٌ لي ، فأذن له وهو على حاله ، فقضى الله حاجته ، ثم انصرف ثم استأذن
عمر فأذن له ، وهو على تلك الحال ، فقضى الله حاجته ، ثم انصرف ثم استأذن
عثمان ، فجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصلح عليه ثيابه وقال (
اجمعي عليك ثيابك )000فأذن له ، فقضى الله حاجته ثم انصرف ، فقلت ( يا رسول
الله ، لم أركَ فزِعْتُ لأبي بكر وعمر كما فزعت لعثمان !!)000
فقال (
يا عائشة إن عثمان رجل حيي ، وإني خشيت إنْ أذنْتُ له على تلك الحال أن لا
يُبَلّغ إليّ حاجته )000وفي رواية أخرى ( ألا أستحي ممن تستحيي منه
الملائكة )000
فضله
دخل
رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- على ابنته وهي تغسل رأس عثمان فقال ( يا
بنيّة أحسني إلى أبي عبد الله فإنّه أشبهُ أصحابي بي خُلُقـاً )000وقال
رسول الله -صلى الله عليه وسلم-( مَنْ يُبغضُ عثمان أبغضه الله )000وقال (
اللهم ارْضَ عن عثمان )000وقال ( اللهم إن عثمان يترضّاك فارْضَ عنه )000
اختَصّه
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بكتابة الوحي ، وقد نزل بسببه آيات من
كتاب الله تعالى ، وأثنى عليه جميع الصحابة ، وبركاته وكراماته كثيرة ،
وكان عثمان -رضي الله عنه- شديد المتابعة للسنة ، كثير القيام بالليل
قال
عثمان -رضي الله عنه- ( ما تغنيّتُ ولمّا تمنّيتُ ، ولا وضعتُ يدي اليمنى
على فرجي منذ بايعتُ بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وما مرّت بي جمعة
إلا وإعتقُ فيها رقبة ، ولا زنيتُ في جاهلية ولا إسلام ، ولا سرقت )000
اللهم
اشهد
عن الأحنف بن قيس قال انطلقنا
حجّاجاً فمروا بالمدينة ، فدخلنا المسجد ، فإذا علي بن أبي طالب والزبير
وطلحة وسعد بن أبي وقاص 0 فلم يكن بأسرع من أن جاء عثمان عليه ملاءة صفراء
قد منع بها رأسه فقال ( أها هنا علي ؟)000قالوا نعم 0 قال ( أنشدكم بالله
الذي لا إله إلا هو أتعلمون أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال ( من
يبتاع مِرْبدَ بني فلان غفر الله له ؟)000فابتعته بعشرين ألفاً أو بخمسة
وعشرين ألفاً ، فأتيت رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت ( إني قد
ابتعته )000 فقال ( اجعله في مسجدنا وأجره لك ) ؟000قالوا نعم
قال (
أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو أتعلمون أن رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- قال ( من يبتاع بئر روْمة غفر الله له ) فابتعتها بكذا وكذا ، فأتيت
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت ( إني قد ابتعتها )000فقال ( اجعلها
سقاية للمسلمين وأجرها لك )؟000قالوا نعم
قال ( أنشدكم بالله الذي
لا إله إلا هو أتعلمون أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نظر في وجوه
القوم يوم ( جيش العُسرة ) فقال ( من يجهز هؤلاء غفر الله له )000فجهزتهم
ما يفقدون خطاماً ولا عقالاً )؟000قالوا نعم
قال ( اللهم اشهد
اللهم اشهد )000ثم انصرف
الخلافة
كان
عثمان -رضي الله عنه- ثالث الخلفاء الراشدين ، فقد بايعه المسلمون بعد
مقتل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- سنة 23 هـ ، فقد عيَّن عمر ستة للخلافة
فجعلوا الأمر في ثلاثة ، ثم جعل الثلاثة أمرهم إلى عبد الرجمن بن عوف بعد
أن عاهد الله لهم أن لا يألوا عن أفضلهم ، ثم أخذ العهد والميثاق أن يسمعوا
ويطيعوا لمن عيّنه وولاه ، فجمع الناس ووعظهم وذكّرَهم ثم أخذ بيد عثمان
وبايعه الناس على ذلك ، فلما تمت البيعة أخذ عثمان بن عفان حاجباً هو مولاه
وكاتباً هو مروان بن الحكم
ومن خُطبته يوم استخلافه لبعض من أنكر
استخلافه أنه قال ( أمّا بعد ، فإنَّ الله بعث محمداً بالحق فكنت ممن
استجاب لله ورسوله ، وهاجرت الهجرتين ، وبايعت رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- ، والله ما غششْتُهُ ولا عصيتُه حتى توفاه الله ، ثم أبا بكر مثله ،
ثم عمر كذلك ، ثم استُخْلفتُ ، أفليس لي من الحق مثلُ الذي لهم ؟!)000
الخير
انبسطت الأموال في زمنه حتى بيعت جارية
بوزنها ، وفرس بمائة ألف ، ونخلة بألف درهم ، وحجّ بالناس عشر حجج
متوالية000
الفتوح الإسلامية
وفتح
الله في أيام خلافة عثمان -رضي الله عنه- الإسكندرية ثم سابور ثم إفريقية
ثم قبرص ، ثم إصطخر الآخـرة وفارس الأولى ثم خـو وفارس الآخـرة ، ثم
طبرستان ودُرُبجرْد وكرمان وسجستان ، ثم الأساورة في البحر ثم ساحل
الأردن000
الفتنة
ويعود سبب
الفتنة التي أدت إلى الخروج عليه وقتله أنه كان كَلِفاً بأقاربه وكانوا
قرابة سوء ، وكان قد ولى على أهل مصر عبدالله بن سعد بن أبي السّرح فشكوه
إليه ، فولى عليهم محمد بن أبي بكر الصديق باختيارهم له ، وكتب لهم العهد ،
وخرج معهم مددٌ من المهاجرين والأنصار ينظرون فيما بينهم وبين ابن أبي
السّرح ، فلمّا كانوا على ثلاثة أيام من المدينة ، إذ همّ بغلام عثمان على
راحلته ومعه كتاب مفترى ، وعليه خاتم عثمان ، إلى ابن أبي السّرح يحرّضه
ويحثّه على قتالهم إذا قدموا عليه ، فرجعوا به إلى عثمان فحلف لهم أنّه لم
يأمُره ولم يعلم من أرسله ، وصدق -رضي الله عنه- فهو أجلّ قدراً وأنبل
ذكراً وأروع وأرفع من أن يجري مثلُ ذلك على لسانه أو يده ، وقد قيل أن
مروان هو الكاتب والمرسل !000
ولمّا حلف لهم عثمان -رضي الله عنه-
طلبوا منه أن يسلمهم مروان فأبى عليهم ، فطلبوا منه أن يخلع نفسه فأبى ،
لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان قد قال له ( عثمان ! أنه لعلّ الله أن
يُلبسَكَ قميصاً فإن أرادوك على خلعه فلا تخلعه )000
الحصار
فاجتمع نفر من أهل مصر والكوفة والبصرة
وساروا إليه ، فأغلق بابه دونهم ، فحاصروه عشرين أو أربعين يوماً ، وكان
يُشرف عليهم في أثناء المدّة ، ويذكّرهم سوابقه في الإسلام ، والأحاديث
النبوية المتضمّنة للثناء عليه والشهادة له بالجنة ، فيعترفون بها ولا
ينكفّون عن قتاله !!000وكان يقول ( إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عهد
إليّ عهداً فأنا صابرٌ عليه )000( إنك ستبتلى بعدي فلا تقاتلن )000
وعن
أبي سهلة مولى عثمان قلت لعثمان يوماً ( قاتل يا أمير المؤمنين )000قال (
لا والله لا أقاتلُ ، قد وعدني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمراً فأنا
صابر عليه )000
واشرف عثمان على الذين حاصروه فقال ( يا قوم ! لا
تقتلوني فإني والٍ وأخٌ مسلم ، فوالله إن أردتُ إلا الإصلاح ما استطعت ،
أصبتُ أو أخطأتُ ، وإنكم إن تقتلوني لا تصلوا جميعاً أبداً ، ولا تغزوا
جميعاً أبداً ولا يقسم فيؤكم بينكم )000فلما أبَوْا قال ( اللهم احصهم
عدداً ، واقتلهم بدداً ، ولا تبق منهم أحداً )000فقتل الله منهم مَنْ قتل
في الفتنة ، وبعث يزيد إلى أهل المدينة عشرين ألفاً فأباحوا المدينة ثلاثاً
يصنعون ما شاءوا لمداهنتهم000
مَقْتَله
وكان مع عثمان -رضي الله عنه- في الدار نحو
ستمائة رجل ، فطلبوا منه الخروج للقتال ، فكره وقال ( إنّما المراد نفسي
وسأقي المسلمين بها )000فدخلوا عليه من دار أبي حَزْم الأنصاري فقتلوه ، و
المصحف بين يديه فوقع شيء من دمـه عليه ، وكان ذلك صبيحـة عيد الأضحـى سنة
35 هـ في بيته بالمدينة
ومن حديث مسلم أبي سعيد مولى عثمان بن عفان
أن عثمان أعتق عشرين عبداً مملوكاً ، ودعا بسراويل فشدَّ بها عليه ، ولم
يلبَسْها في جاهلية ولا إسلام وقال ( إني رأيتُ رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- البارحة في المنام ، ورأيت أبا بكر وعمر وأنهم قالوا لي اصبر ، فإنك
تفطر عندنا القابلة )000فدعا بمصحف فنشره بين يديه ، فقُتِلَ وهو بين يديه
كانت
مدّة ولايته -رضي الله عنه وأرضاه- إحدى عشرة سنة وأحد عشر شهراً وأربعة
عشر يوماً ، واستشهد وله تسعون أو ثمان وثمانون سنة000
ودفِنَ -رضي
الله عنه- بالبقيع ، وكان قتله أول فتنة انفتحت بين المسلمين فلم تنغلق إلى
اليوم000
يوم الجمل
في يوم الجمل قال
علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- ( اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان ، ولقد
طاش عقلي يوم قُتِل عثمان ، وأنكرت نفسي وجاؤوني للبيعة فقلت ( إني
لأستَحْيي من الله أن أبايع قوماً قتلوا رجلاً قال له رسول الله -صلى الله
عليه وسلم-( ألا أستحيي ممن تستحيي منه الملائكة )000وإني لأستحي من الله
وعثمان على الأرض لم يدفن بعد فانصرفوا ، فلما دُفِنَ رجع الناس
فسألوني البيعة فقلت ( اللهم إني مشفقٌ مما أقدم عليه )000ثم جاءت عزيمة
فبايعتُ فلقد قالوا ( يا أمير المؤمنين ) فكأنما صُدِعَ قلبي وقلت ( اللهم
خُذْ مني لعثمان حتى ترضى )